كتاب قصر الأمل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

321 - وَحَدَّثَنَا عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ خَارِجَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلاَنِيِّ، أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى خَرِبَةٍ فَقَالَ: يَا خَرِبَةُ , يَا خَرِبَةُ أَيْنَ أَهْلُكِ؟ ذَهَبُوا وَبَقِيَتْ أَعْمَالُهُمْ، وَانْقَطَعَتِ الشَّهْوَةُ وَبَقِيَتِ الْخَطِيئَةُ، ابْنَ آدَمَ تَرْكُ الْخَطِيئَةِ أَيْسَرُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ.
322 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: مَرَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ بِقَرْيَةٍ خَرِبَةٍ فَقَالَ: يَا خَرِبَةُ أَيْنَ أَهْلُكِ؟ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى نَفْسِهِ: ذَهَبُوا وَبَقِيَتْ أَعْمَالُهُمْ.
323 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحًا الْمُرِّيَّ، أَوْ حُدِّثْتُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلْتُ دَارَ الْمَرْزُبَانِيِّ، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا ثَلاَثَ آيَاتٍ: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةٌ بِمَا ظَلَمُوا} {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً} {وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً} فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ فَخَرَجَ عَلَيَّ أَسْوَدُ مِنْ نَاحِيَةِ الدَّارِ، فَقَالَ: يَا صَالِحُ هَذِهِ سَخْطَةُ مَخْلُوقٍ، فَكَيْفَ سَخْطَةُ الْخَالِقِ؟.
324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَحْبُوبًا الزَّاهِدَ، يَقُولُ: مَرَرْتُ بِدَارٍ مِنْ دُورِ الْكُوفَةِ هُنَا، فَسَمِعْتُ جَارِيَةً تُنَادِي مِنْ دَاخِلِهَا:
أَلاَ يَا دَارُ لاَ يَدْخُلُكِ حُزْنٌ ... وَلاَ يُودِي بِشَأْنِكِ الزَّمَانُ.
قَالَ: فَغَبَرْتُ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِالدَّارِ، فَإِذَا الْبَابُ مُسْوَدٌّ، وَقَدْ عَلَتْهُ وَحْشَةٌ وَكَآبَةٌ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُهُمْ؟، قَالُوا: مَاتَ سَيِّدُهُمْ، مَاتَ رَبُّ الدَّارِ، فَوَقَفْتُ عَلَى الْبَابِ فَقَرَعْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ مِنْ هَاهُنَا صَوْتَ جَارِيَةٍ وَهِيَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَبَكَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الدَّارِ وَقَالَتْ: يَا عَبْدَ اللهِ، إِنَّ اللَّهَ يُغَيِّرُ وَلاَ يُغَيَّرُ، وَالْمَوْتُ غَايَةُ كُلِّ مَخْلُوقٍ، قَالَ: فَرَجَعْتُ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِهِمْ بَاكِيًا.

الصفحة 109